يستعد سائقو الشاحنات في مصر لموجة من القوانين الجديدة والفحوص العشوائية للمخدرات بعد حادث أسفر عن مقتل 18 امرأة وفتاة الأسبوع الماضي، ما سلط الضوء مجددًا على كثافة الحوادث في البلاد، بحسب تقرير نشره موقع ذا ناشيونال.

فيما يشير المسؤولون غالبًا إلى تعاطي المخدرات بين السائقين كسبب رئيسي، يرد السائقون بأنهم يُحمّلون مسؤولية أزمة أعمق تعود إلى تهالك الطرق، والضغوط الاقتصادية، والإهمال المؤسسي.

يقول السائق إسلام عوض (39 عامًا): "نحن مَن يتلقى اللوم كل مرة. لكن الحوادث لن تتوقف قبل إصلاح الطرق، مهما كثرت اختبارات المخدرات".

وقع الحادث قرب أشمون بمحافظة المنوفية، حين عبرت شاحنة قادمة من الاتجاه المقابل الحاجز الأوسط واصطدمت بميكروباص يقل 21 عاملة عائدة من مزارع العنب. لقي السائق و18 راكبة مصرعهم.
سائق الشاحنة سلّم نفسه خوفًا من انتقام عائلات الضحايا، وصرّح بأنه حاول تفادي صخرة وسط الطريق، لكن ضيق الحارات وسوء حال الطريق منعه من رؤيتها في الوقت المناسب.

قال أثناء التحقيق: "لم أكن أسرع، كنت أقود بسرعة 50 كلم فقط، لكن عجلة القيادة انفلتت. لم أقصد إيذاء أحد، وقلبي يتقطع على الضحايا، فبناتي في مثل أعمارهن".

تؤكد الجهات الرسمية أنه كان تحت تأثير المخدرات. وقع الحادث على الطريق الدائري الإقليمي الذي يربط القاهرة بخمس محافظات. يمتد الطريق 365 كلم، ويخضع منذ 2020 لإصلاحات تشمل 110 كلم منه، مع غلق حارة كاملة وتحويل المرور ثنائي الاتجاه إلى حارة ضيقة واحدة تشاركها الشاحنات والحافلات والسيارات.

وزارة النقل أوضحت أن الإصلاحات تهدف لاستبدال الأسفلت بالخرسانة لمقاومة الضغط والحرارة، لكنها واجهت انتقادات بسبب بطئها وخطورتها. وصف السائقون الطريق بأنه "مصيدة موت".

يقول عوض: "لو اصطدمت بأي جزء مكسور أو حتى حجر صغير، تحتاج عدة أمتار لتفاديه، وهي غير متوفرة".

وأضاف: "نقود شاحنات ثقيلة تزن 10 أطنان على طرق ضيقة، وهذا جنون".

الحادث فجّر موجة غضب شعبي، خصوصًا بعد إنفاق الدولة مليارات على تطوير الطرق، بينما يُتساءل الآن عن سبب الحاجة لإصلاح طريق انتهى إنشاؤه عام 2018 بعد عشر سنوات من العمل.

أهالي المنوفية أكدوا أنهم حذّروا مرارًا من خطورة الطريق، لكن لم يُستجب لهم، وقال أحد السكان: "السبب الحقيقي للضجة هو حجم المأساة، 18 فتاة من بلدة واحدة. لكن حوادث كثيرة تُهمل، مثل حادث وقع الليلة الماضية قرب المنصورة".

ويشير التقرير إلى ان قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أمر بصرف تعويضات إضافية لأسر الضحايا.

عائلات الفتيات رفضت حضور محافظ المنوفية جنازة جماعية أُقيمت في منوف، وطالبته بالمغادرة، وانتشرت مقاطع فيديو تظهر المشهد.

وزير النقل كامل الوزير زار موقع الحادث، ووعد بإصلاح كامل للطريق الدائري الإقليمي ضمن مشروع تكلفته 50 مليار جنيه. لكنه لم يوضح لماذا تحتاج الطريق لإصلاح شامل بعد وقت قصير من الانتهاء منها، ما زاد الغضب الشعبي والتشكيك.

سائقو الشاحنات يرون أنهم يُستهدفون ظلمًا بالفحوص العشوائية، رغم أن تعاطي المخدرات منتشر بينهم، لكنه غالبًا لأسباب تتعلق بضغط العمل.

يقول السائق عبده إبراهيم (48 عامًا): "الكل يتعاطى، سواء سائق شاحنة أو ابن باشا. لكن المشكلة الحقيقية في الطريق وليس المخدرات. لم أر طريقًا بهذه الخطورة في حياتي".

أوضح أن القيادة لمسافات طويلة مع قلة النوم تدفع السائقين لتناول أدوية كترامادول للبقاء مستيقظين وتحمّل الألم.

السائقون يعتبرون أن الإجراءات الجديدة مثل تحليل المخدرات والتحري عن خلفياتهم ستضرّهم دون معالجة الأسباب الحقيقية للحوادث.

قال إبراهيم: "الحياة أصبحت مكلفة جدًا، وهذه مهنتنا الوحيدة. والآن سيجعلونها أكثر صعوبة".

عادةً ما يتطلب الوصول لرخصة القيادة من الدرجة الأولى ست سنوات من الخبرة، مع التدرج من المركبات الصغيرة.

عوض اختتم: "نحن محترفون، لكن لا أحد يسمعنا عندما نقول إن الطريق خطر. هذا الحادث سببه الإصلاحات، لا السائق. الطريق كله من القاهرة للمنوفية تحت الإصلاح، وهذا غير منطقي. الأفضل كان إصلاحه جزءًا جزءًا لتقليل المناطق غير الآمنة".

الطريق الدائري الإقليمي اكتسب لقب "طريق الموت" عن جدارة. فحسب الإحصاءات الرسمية، شهد الطريق 304 حادثًا منذ منتصف 2022 أسفرت عن 239 وفاة، وارتفع عدد الحوادث من 76 في 2023 إلى 114 في 2024، وسُجّل بالفعل 67 حادثًا في النصف الأول من 2025.

 

https://www.thenationalnews.com/news/mena/2025/07/02/egypts-lorry-drivers-fear-scapegoating-after-road-accident-that-killed-19/